الاثنين، 8 يناير 2018

رؤية نحو الاصلاح


رؤية نحو الاصلاح .........



 

بسم الله الرحمن الرحيم

امتثالا لقول الله تعالى




في مسيرة الدول أحداث تشكل منعطفات مفصلية قد تكون متعمدة أو غير متعمد فهناك ما يفرض من الخارج مثل التأزم الاقليمي والحروب  ، وهناك ما يفرض من الداخل  مثل العجز في الميزانية العامة للدولة أو عدم وجود خطة تتناسب مع عناصر المجتمع ، وهناك ما يختلق من الداخل في حال تضارب المصالح بين طبقات المجتمع مما يخلق تأزيم ، ولكي نستطيع وضع رؤية فلنبدأ بالتركيز على الشأن الداخلي من خلال التمسك بالدستور وشرعيته كخط أدنى ولا تدفعنا ضغوط اللحظة إلى البحث عن مخارج خلفية فهو قاعدة اتفق عليها من جميع الأطياف في مجتمع رغم أنه صغير إلا أنه متعدد قبلياً وتيارات ومذاهب ، فلنتفق أولا على أن الدستور حماية للحاكم والمحكوم ، والذي سيكون لتجاوزه انعكاسات بعيدة المدى وتداعيات قد تؤثر في كيان الدولة ، فهو يحافظ على الانتماء الاجتماعي ويباعد عن الاحتقان السياسي ، ولكن يجب الحذر من أن هذا الدستور قد أعطى امتيازات للشعب بصورة فريدة لا توجد في المنطقة فهو قد يخلق صراع على هذه الامتيازات في حال عدم الاخذ بالعقلانية في الاستفادة منها قد تصبح مضرة ، وأكبر مثال على ذلك الصراع الأخير الذي لم يأتي بأي منفعة إلا بطولات وهمية لا ترجع على الوطن والمواطن بشيء.

ثانيا : هناك تركيبة مجتمعية طبقية تتكون من طبقة اجتماعية متوسطة تمثل 92 % وهناك طبقة غنية بنسبة 8% .

فلزاماً  علينا إحداث توازن طبقي من ناحية الموارد والمصروفات حتى لا تكون هناك نقمة قد ظهرت في الآونة الأخيرة ، صحيح أنه لا توجد عدالة اجتماعية كاملة ولكن كل القوانين العالمية تراعي الطبقة الدنيا ، وتحافظ على وجودها دون ضرر ، لذا يجب تعزيز السياسة المالية بما يحافظ على هذه الطبقة .

ثالثا : هناك عجز في الانجاز التنموي يتمثل في شقين تنويع مصادر الدخل وايجاد فرص عمل .

ولكي تحقق الدولة هدفها في حالة العجز في الميزانية فهي بحاجة إلى أن تسير في مسارين متوازيين ويسيران في اتجاه واحد وهما مسيرة ايجاد موارد جديدة أولا ، وثانيا خفض الدعوم والضريبة بل يجب أن يكون ايجاد الموارد سابق بمسافة عن الثاني ، ولكي يصبح هذا الهدف في متناول اليد فيجب أولا التقليل من الاعتماد على النفط وتشجيع الصناعات التحويلية ورفع نسبة تمثيلها في الناتج المحلي إلى 8%  سنويا على أقل تقدير فلابد ولزاماً  من تأسيس صناعة نفطية وصناعة تحويلية وبتروكيماوية بأسرع وقت  ، على أن يبدأ خلال السنة الحالية على أن تكون شراكة بين القطاعين العام والخاص لمرونة التحرك وإحكام المراقبة وتوطين رؤوس الأموال وعدم هجرتها ، وكذلك تقليل نسب البطالة وفشل الخصخصة في استيعاب البطالة وتحولها من نظام خصخصه بمعاييره إلى نظام نقل ملكية من العام إلى الخاص وكذلك الحاجة ملحة إلى تعديل بعض التشريعات مثل عدم ملكية الاراضي الحكومية ولا يجوز بيع حق الانتفاع فيها حتى لا تكون هي الغرض الأساسي من تأسيس الشركة ، وبهذا تساهم هذه المشاريع برفع نسبة تمثيلها في الموازنة العامة وعليه يجب الاستفادة من انخفاض أسعار النفط العالمية عن طريق تحويل المنتج الخام إلى منتج نهائي ، وتطوير الغاز المصاحب والنفط البديل .

وتوفير أراضي ورصد مبلغ 100  مليار دينار لهذه المشاريع من الاحتياطي العام كمبلغ مستثمر والتي من المتوقع على أقل تقدير أن يكون العائد السنوي 10% من رأس المال عشرة مليار .

كذلك انشاء هيئة بقانون مهمتها متابعة وإنجاز هذه المشاريع بمدة زمنية محددة وتذليل العقبات .

ثانيا : تشجيع فتح مصانع تحويلية أو تجميع للقطاع الخاص كالمصانع الشبيهة في السعودية والامارات وتوفير اراضي للقطاع الخاص وتذليل عقبات الاستيراد والنظام الجمركي المعقد والتصدير وتشجيع المنتج .

ثالثا : تنشيط سوق الأوراق المالية من خلال انشاء شركات  صانعة       ومراجعة وتحليل  أسباب تعثر الشركات .

مراجعة في اسباب خروج الشركات من البورصة وعدم قدرتها على الملاءمة مع قوانين السوق ومراجعة القوانين .

انشاء بيئة صالحة لعمل الشركات ودعم المنتج المحلي وفتح الأسواق لاستمرار بقاء هذه الشركات ، فأغلب الشركات تاريخها العمري لا يتجاوز العشرين عاما ثم تنتهي والسبب عدم وجود بيئة تدفع في بقائها .

كذلك انشاء شركات حكومية يكون للطبقة الوسطى النصيب الأكبر بها ولا يجوز بيعها إلا بعد مرور 10 سنوات (كمورد جديد لهذه الفئة) وتحدد هذه الفئة بمعدل المدخول .

الهدف الثاني وهو ملح ومهم في ذات الوقت  وهو فرض ضريبة على المواطن ، ولكي يحدث هذا وبعد استنفاذ الاجراء الأول يجب تهيئة الفرص البديلة لتخفيض الانفاق في استهلاك الكهرباء وتحويل نظام تكييف المنازل من نظام التكييف الجاف DRY COOL  إلى التكييف المائي CHILLER  وهذا عمل يجب أن ترعاه الحكومة ، وبذلك يكون نسب استهلاك الكهرباء في انخفاض وكذلك توفير دراسات للمواطنين للتحول إلى نظام الطاقة الشمسية وبذلك يتم تحقيق وفر على المواطن والدولة .

بعد كل هذا ومشاريع مثيلة وخطوات واضحة يتم رفع الدعوم عن المواطنين وفرض رسوم أو ضريبة دخل حسب مستويات المعيشة .

وحتى لا يكون هناك خلل  في الطبقات المتوسطة قد تعرضها إلى الضائقة المالية أو قد تتعرض إلى صدور أحكام قضائية في حقها خصوصا أن عدد من صدر عليهم أحكام ضبط واحضار قد تجاوز 116 ألف مواطن وهو ما يمثل 26% من الطبقة العاملة (435 ألف ) .

رابعا :  هناك تركيبة مختلفة في النوع ، فهناك أصول مختلفة أو قبائل ولهذا يجب أن تكرس ثقافة أن القانون هو المظلة العامة وأن الحقوق والواجبات متساوية وهناك مرجعية تساوي المواطنة ولهذا التطبيق فإن الأمر يتطلب  :

أولا : يحتاج إلى مراقبة لأن إعطاء فئة دون الأخرى يكون دافع قوي للفساد الاداري واحباط من الجانب الآخر  لفئة أخرى في المجتمع واختراق للمساواة وللسير في مسار الاصلاح فهناك حاجة ماسة إلى :

تطويق الفساد الاداري والمالي من خلال تعديل قانون محاكمة الوزراء بما يكفل وصول قضاياهم إلى القضاء للبت فيها حفظاً وتصرفاً ومحاكمةً ، وحتى يمارس الوزير اختصاصاته من خلال القانون في وزارته وأن لا تتحمل الدولة تبعات وأخطاء الوزير فهناك قضايا بالمحاكم تصدر ضد الدولة دون أي مسئولية على الوزير .

ثانيا : تفعيل مهام ديوان المحاسبة ومنحه دوراً رقابيا أكبر من خلال المزيد من الصلاحيات الرقابية الفاعلة خاصة في مجال المصروفات السرية والسحب من الاحتياطي العام للدولة مع التأكيد على ربط هذه الخطوة بتعزيز جهاز الديوان بالكفاءات من العنصر البشري في كافة المجالات ومنحهم الصلاحيات في الإحالة إلى القضاء من خلال تصنيف ولائحة داخلية في الديوان .

·      إجراء التعديلات اللازمة على اللائحة الداخلية للمجلس لتقويم أداء الأعضاء وبالأخص تشكيل لجنة القيم للارتقاء  بمستوى الانجاز وسلامته .

·      تفعيل المادة (50) والمادة (115) من الدستور والخاصتين بفصل السلطات مع تعاونهما ، وعدم جواز تدخل عضو مجلس الأمة في عمل أي من السلطتين القضائية والتنفيذية .

·      تنظيم مخرجات التعليم بحيث تتناسب مع البرنامج التنموي والمطروح واحتياجات سوق العمل وتجنبا للبطالة بسبب نوعية التعليم والدراسة .

·      وضع معايير لاختيار الوزراء  من شخصيات قيادية نزيهه ومؤهلة وخبيرة ومتمكنة سياسيا وإداريا وفنيا قادرة على توجيه فريق الحكومة لتنفيذ مشاريع الاصلاح الشامل ليستعيد مجلس الوزراء دوره المؤسسي كما نص عليه الدستور ، وليكون الوزراء شركاء في اتخذا القرار لا مجرد منفذين له .

·      تعزيز المشاركة الشعبية في الحكومة وفقا لرؤية وطنية محددة .

·      تفعيل المادة  (58) من الدستور لأهميتها في تقويم عمل الوزراء وبما يمكن من مسائلتهم أما سمو الأمير قبل أن يحاسبوا من مجلس الأمة .

·      وضع معايير محددة لاختيار القيادات العليا ف بالدوائر الحكومية والمؤسسات الحكومية المستقلة والتابعة وربطها بالتجديد لهم وفقا لمعايير تقييم الأداء الصادرة عن ديوان المحاسبة وديوان الخدمة المدنية والجهات ذات الاختصاص في تقييم الأداء بما ينعكس على أداء المؤسسات وربط الهياكل التنظيمية والادارية بأسس التقييم المحايد وأسس الحوكمة ، وبذلك يرتقي العمل الحكومي ويكون مسئول .

ان الرغبة الشعبية  الواعية والمثقفة تدعم ارتقاء العمل الحكومي من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي المسئول لحشد الدعم لتلك البرامج وترسيخ أسس الاصلاح وهو ما ظهر من ثقافة في نتائج الانتخابات الأخيرة ومدى الدعم المتواصل من فئة الشباب المثقف الواعي وتحويل ثقافة الناخب إلى الاختيار الموضوعي ، فهناك مفاهيم يجب ترسيخها في المجتمع وهي العدالة الاجتماعية وفرض هيبة وسيادة القانون وتعزيز مفهوم المواطنة وانصهار عناصر المجتمع تحت راية الدولة وتعزيز روح الولاء  التام للوطن من خلال المحافظة على موارد الدولة وتجريم مفاهيم الكراهية والاقصاء .

وأخيرا اثبت تجار الاصلاح السياسي بأن اصدار التشريعات والنظم وممارسة الدور الرقابي للبرلمانات لن تكفي وحدها لتحقيق برامج الاصلاح ما لم ترعاها ارادة سياسية نافذة ورشيدة وتصاحبها رقابة شعبية مستنيرة وواعية ، ويسبق كل هذا وجود برنامج اصلاح شامل اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا يناسب موارد وامكانيات الدولة ، فلكل دولة محددات مستقلة وظروف مختلفة .

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق